كشفت وجه الكابرانات الحقيقي.. النظام العسكري يرحل ناشطة حقوقية جزائرية بارزة 

هبة بريس

مرة أخرى، يُثبت النظام العسكري في الجزائر أنه ماضٍ في نهج الترهيب وكتم الأصوات الحرة، عبر استمرار ممارساته التعسفية ضد النشطاء الحقوقيين والمعارضين، وسط مناخ خانق يسود البلاد منذ عقود.

اعتداءات على الحقوقية نصيرة ديتور

آخر هذه الاعتداءات طال الحقوقية البارزة نصيرة ديتور، رئيسة جمعية عائلات المفقودين في الجزائر وعضو الاتحاد الأورو-متوسطي ضد الاختفاء القسري، والتي جرى ترحيلها قسراً يوم 30 يوليوز 2025 فور وصولها إلى مطار هواري بومدين. فبدلاً من أن تستقبلها بلدها التي تنتمي إليها، وجدت نفسها محتجزة ثلاث ساعات من طرف شرطة الحدود، دون أي سند قانوني، قبل أن تُرحَّل مباشرة إلى فرنسا على متن رحلة الخطوط الجوية الفرنسية رقم AF 1455، في غياب أي تفسير رسمي.

الناشطة التي تحمل الجنسية الجزائرية ولديها كامل الوثائق القانونية، اعتبرت ما وقع إهانة مزدوجة: كأم تبحث منذ أكثر من 25 سنة عن ابنها المختفي، وكصوت مناضل من أجل الحقيقة والعدالة.

وقالت ديتور في تصريح مؤثر بعد الترحيل: “ابني مفقود، وها أنا أُمنع من دخول بلدي. لكن ما دمت قادرة على الكلام، فسأتكلم باسمه، وباسم كل الضحايا، من أجل الذاكرة، ومن أجل العدالة.”

الحادثة أثارت موجة من التنديد من قبل منظمات حقوقية داخل الجزائر وخارجها. كل من جمعية عائلات المفقودين (CFDA) والاتحاد الأورو-متوسطي ضد الاختفاء القسري (FEMED) وصفا الترحيل بأنه انتهاك فاضح للدستور الجزائري، خصوصاً المادة 59 التي تضمن حرية التنقل، وأكدتا أن ديتور ليست موضوع أي متابعة قضائية أو إدارية، ما يجعل ما حدث سابقة خطيرة تهدد كل المدافعين عن حقوق الإنسان.

تضييق وحشي تتعرض له ديتورر

المنظمتان شددتا على أن ديتور، التي تحولت إلى رمز لنضال آلاف العائلات المكلومة منذ “العشرية السوداء“، أصبحت هدفاً مباشراً للنظام بسبب إصرارها على المطالبة بكشف مصير المختفين، وهو ما يفسر هذا التضييق الوحشي الذي تتعرض له.

من جهتها، اعتبرت منظمة “شعاع لحقوق الإنسان” أن ما جرى يمثل صفعة للدستور، ونددت بمنع ديتور من دخول بلادها، داعية السلطات إلى التراجع الفوري عن القرار، وتمكينها من أداء رسالتها الحقوقية دون قيود.

أما على الصعيد السياسي، فقد أصدر فرع المهجر لحزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية (الأرسيدي) بياناً ندد فيه بهذا الإجراء “التعسفي وغير القانوني”، مشيداً بصمود ديتور ومؤكداً أن ترحيلها يندرج ضمن سياسة ممنهجة هدفها إخماد الأصوات المعارضة وإغلاق الحيز المدني بشكل كامل.

هذه الواقعة ليست استثناءً، بل حلقة جديدة في سلسلة من الممارسات السلطوية، كان أبرزها منع الصحافي المعروف فريد عليلات من دخول الجزائر في أبريل 2024، رغم كونه جزائري الجنسية، ما يعكس بوضوح نوايا السلطة في إسكات أي صوت ناقد أو مستقل.

وفي ظل استمرار هذه الانتهاكات، تتكشف حقيقة الشعارات الرسمية التي يتغنّى بها النظام حول حقوق الإنسان، بينما الواقع يشي بحكم بوليسي قائم على الإقصاء وتكميم الأفواه، ما يعمّق عزلة الجزائر الدولية ويزيد من معاناة آلاف العائلات التي لا تزال تنتظر الحقيقة والإنصاف.

 



قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى