سوريا تعتزم حذف صفرين من عملتها وإصدار أوراق جديدة في دجنبر

هبة بريس

تستعد الحكومة السورية لاتخاذ خطوة نقدية غير مسبوقة منذ عقود، تتمثل في إعادة تقييم الليرة المحلية عبر حذف صفرين من فئاتها الورقية وإصدار عملة جديدة بحلول ديسمبر المقبل، في محاولة لإعادة الثقة بالعملة التي فقدت أكثر من 99% من قيمتها منذ اندلاع الحرب عام 2011.

ووفق وثائق ومصادر اطلعت عليها وكالة “رويترز”، فقد وجّه مصرف سوريا المركزي تعليماته إلى البنوك العامة والخاصة للتحضير لهذه العملية، التي توصف بأنها خطوة “رمزية وعملية” تتجاوز الجانب المالي، لتلامس أبعاداً سياسية واقتصادية مرتبطة بالمرحلة الجديدة بعد رحيل الرئيس السابق بشار الأسد نهاية العام الماضي.

وبحسب المصادر ذاتها، ستُطبع الأوراق النقدية الجديدة في روسيا عبر شركة “جوزناك” الحكومية، التي سبق أن تولّت طباعة الليرة في سنوات سابقة، وذلك بموجب اتفاق جرى خلال زيارة وفد سوري رسمي إلى موسكو في يوليو الماضي.

وفي مقابلة مع قناة “العربية”، أكد حاكم مصرف سوريا المركزي، عبد القادر حصرية، أن “تغيير العملة يشكّل ركناً أساسياً في الاستراتيجية الجديدة للإصلاح المالي والنقدي”، مشيراً إلى أن فرقاً فنية تدرس الاحتياجات الفنية واللوجستية لعملية الإصدار. ورغم أن الوثائق المسرّبة تحدد الثامن من ديسمبر موعداً للإطلاق الرسمي، شدد حصرية على أن “الإطار الزمني لا يزال قيد النقاش”.

ومن المنتظر أن تمر العملية بفترة انتقالية تستمر عاماً كاملاً، يتم خلالها تداول العملة القديمة والجديدة بالتوازي، قبل سحب الأوراق القديمة نهائياً من السوق بحلول ديسمبر 2026.

الليرة السورية، التي كان الدولار يعادل نحو 50 منها قبل 2011، انهارت اليوم إلى نحو 10 آلاف ليرة للدولار الواحد، ما جعل المعاملات اليومية مرهقة للمواطنين الذين اعتادوا حمل أكياس من الأوراق النقدية لتغطية احتياجات بسيطة، مع تضخّم قياسي في الأسعار.

ويرى مراقبون أن إعادة التقييم تحمل أيضاً بعداً رمزياً، إذ تسعى السلطة الجديدة إلى طي صفحة إرث الأسد، خاصة أن صور بشار ووالده حافظ الأسد ما تزال تتصدر الفئات النقدية المتداولة.

لكن خبراء اقتصاديين يحذرون من أن حذف الأصفار لا يمثل حلاً جذرياً لمشكلات الاقتصاد. ويؤكد الدكتور ذو الفقار عبود أن “نجاح التجربة مرهون بسياسات مالية ونقدية متماسكة، تقلل الاعتماد على الدولار وتدعم الإنتاج المحلي”، محذراً من أن العملية ستتطلب تعديلات واسعة في الأنظمة المصرفية والمحاسبية، مع تكاليف تشغيلية كبيرة على المدى القصير.

وتُستحضر في هذا السياق تجربة تركيا عام 2005، حين حذفت أنقرة ستة أصفار من الليرة بالتوازي مع إصلاحات اقتصادية جذرية عززت الثقة بالعملة. أما في سوريا، فيبقى التحدي أعقد بسبب غياب إطار قانوني واضح، وضعف البنية التحتية للمدفوعات الرقمية، والانقسام الجغرافي في السيطرة على الأراضي.

وتقدَّر قيمة الأموال المتداولة خارج النظام المصرفي الرسمي بنحو 40 تريليون ليرة، ما يجعل من الإصدار الجديد أداة أيضاً لتعزيز رقابة الدولة على حركة النقد وتقليص حجم الاقتصاد الموازي.



قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى