رقية ديان: “هرمنا من أجل نهضة ثقافية في المغرب”

هبة بريس – عبد اللطيف بركة

رقية ديان، التي قررت خوض غمار مجال النشر في فرنسا، بدأت رحلتها بدافع شغفها العميق بالقراءة وحبها للكتب، منذ الطفولة، نشأت في بيت كانت الكتب جزءاً أساسياً من تفاصيله اليومية، هذا الشغف كان المفتاح الذي فتح لها أبواب الكتابة والنشر، فبدأت رقية مشوار الكتابة بداية في الصفحات الأدبية لبعض المجلات، وهنا بدأ اللقاء بين الكاتب والقارئ والناشر. ومع مرور الوقت، اكتشفت رقية الصعوبات التي يعاني منها الكاتب في نشر أعماله، خصوصاً إذا كان مبتدئاً، حيث أن دور النشر لا تفتح عادة أبوابها أمام الأعمال الجديدة، هذا التحدي دفعها إلى التفكير في إنشاء دار نشر خاصة بها، كي تساهم في تغيير هذه المعادلة وتساعد الكتاب على الوصول إلى القراء.

فكرة إنشاء دار نشر لم تكن قراراً عشوائياً أو مجرد مغامرة، بل جاءت تدريجياً بعد أن تأملت رقية ديان في احتياجات الكتاب، وكان من أولوياتها تقديم محتوى ذو قيمة للقارئ، حيث يؤمن الكتاب دائماً أن المحتوى الجيد هو ما يجذب القارئ، حتى في زمن الشبكات الاجتماعية التي بات فيها القارئ واعياً لما يبحث عنه، كما أن الهدف بالنسبة لها لم يكن مجرد النشر بشكل عشوائي، بل كان من الضروري اختيار الأعمال التي تعكس مستوى جيداً من المضمون والشكل.

رغم الظروف الاقتصادية الصعبة في بلداننا العربية وضعف القراءة في بعض المناطق، قررت رقية أن تتحدى تلك الصعوبات، في ذلك السياق، كانت مشاركتها في المعارض الجهوية بمثابة الفرصة المثالية للوصول إلى القراء، وهو ما أعطاها دفعة قوية لدعم نشر الكتب وتحقيق المزيد من الانتشار.

وبالرغم من قلة الموارد وصعوبة التوزيع، كان مدير دار نشر “رمال” شخصياً يتولى مهمة توزيع الكتب في المكتبات الكبيرة بعد كل إصدار، وهو ما يعكس التزامه الشديد تجاه نجاح مشروعاته.

من خلال تجربتها، ترى رقية أن مجال النشر في المغرب بحاجة إلى دعم حقيقي من المسؤولين، خاصة وأن هذا القطاع يمتلك إمكانيات كبيرة ليكون رافعة اقتصادية للبلاد، فالثقافة، كما تقول، جزء أساسي من البناء الاقتصادي، وإذا ما أُعطي هذا القطاع الاهتمام الذي يستحقه، فإن النتائج ستكون مبهرة.

وتضيف رقية بمرارة: “هرمنا من أجل أن نرى نهضة ثقافية ببلدنا المغرب”، مما يعكس إحباطها من تجاهل المسؤولين لهذا القطاع الحيوي الذي يحتاج إلى دعم وإصلاح حقيقي.

أمام هذه التحديات، تؤكد رقية على أهمية الاهتمام بالمحتوى الجيد، وتعتبر أن نجاح دار نشر “رمال” لم يكن مجرد نتيجة للعمل الجاد، بل نتيجة أيضاً للثقة التي وضعها الكتاب في الدار. لم تقتصر تجربتها على النشر المحلي فقط، بل امتدت إلى نشر أعمال لكتاب من مختلف الأصوات، بما في ذلك أسماء بارزة مثل الإعلامي الراحل خالد الجامعي والكاتبات المغربيات مثل إيمان بالفقيه وأحلام نويور.

أما عن وضع المهاجرات المغربيات في فرنسا، فتُبدي رقية إعجابها بالنجاح الذي حققته المرأة المغربية في المهجر، مشيرة إلى أن العديد منهن استطعن الوصول إلى أعلى المناصب المهنية وأثبتن حضورهن القوي في العمل الجمعوي وفي الدفاع عن قضايا المغرب. في هذا السياق، تُدرك رقية أن تحقيق الذات لا يتعارض مع الحفاظ على الانتماء للوطن، بل يعتبر جزءاً من التعبير عن الحب والوفاء له.

وعلى الرغم من أنها لم تشعر بالافتقاد للوطن، إلا أن تجربة الهجرة بالنسبة لها كانت فرصة لتحقيق النجاح وضمان مستقبل مشرق.

وفي النهاية، تبقى رقية ديان مثالاً للمثابرة والطموح، حيث أكدت مراراً أن الطريق إلى النجاح يحتاج إلى الشغف والإيمان، ولكن الأهم هو دعم هذا المجال من قبل الجهات المعنية، لاسيما في ظل التحديات المتزايدة التي تواجهها صناعة النشر اليوم.



قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى